الخميس، 3 مايو 2012

تسليم السلطة ح 1

ارتدى ملابسه فى عجالة , استعدادا للقاء اصدقائه فى حملة الرئيس الذى سيدعمه , فبعد يومين من الان , ستبدأ اول انتخابات رئاسية لمصر بالمعنى الحقيقى لكلمة انتخابات , كان من ضمن جدول الحملة اليوم , الذهاب الى منطقة شعبية بالقاهرة وتعريف اهلها بالمرشح الذى يدعمه و توزيع المنشورات الخاصة ببرنامجه الانتخابى و الصاق المزيد من البوسترات الخاصة به فى هذه المنطقة .
لم يستطع مشاهدة التلفاز فعندما استيقظ كان يتبقى له من الزمن ساعة واحدة فقط لكى يستعد ويرتدى ملابسه و يقود سيارته الصغيرة نحو مكان التجمع فى اكثر اماكن القاهرة زحمة .. اقترب من باب المنزل , تأكد من وجود النقود و هاتفه الجوال و كل مستلزماته معه , وهم للخروج لكن استوقفه صوت رنين التليفون , نظر الى الموبايل فوجد اسم واحد من اعز اصدقائه فرد عليه مسرعا

- ايه يا معلم
- افتح التلفزيون بسرعة
- فيه ايه ما تفهمنى
- انقلاب عسكرى
- انقلاب عسكرى ؟؟ , انت الواد ماندوا شربك حاجة ؟
- والله ما بهزر افتح التلفزيون بسرعة

تأكد من جدية صديقه فى الحديث , بدأ فى البحث مسرعا عن ريموت التلفاز حت عثر عليه , بحث عن قناته المفضلة التى يرى انها تقدم الامور بكل شفافية وأمانة , اتسعت حدقة عينه من هول المنظر
الدبابات تحيط بمبنى وزارة الدفاع من كل مكان , شاب يبدو فى اواخر الثلاثينات من العمر يرتدى بدلته العسكرية يمسك بميكرفون كبير و يوجه كلامه لمن بداخل المبنى
- متقلقوش محد هيأذيكم , اخرجوا

يظهر من احد الشبابيك وشاح ابيض , يأمر الشاب الجنود بالدخول و احضار من بالداخل مع الالتزام بحسن المعاملة اثناء القبض عليهم , يستمر الهدوء لبضعه دقائق قليلة , يخرج بعدها عدد كبير من الرجال بزيهم العسكرى ثم تمر دقيقة اخرى ويخرج بعدها تسعة عشر رجل تباعا كان اخرهم رئيس المجلس العسكرى
تابع اسامة ما يراه فى التلفاز باهتمام شديد ممزوج بالصدمة جراء ما يراه وما يحدث , لا يصدق ان السيناريو الكارثى الذى توقعه العديد من النشطاء السياسيين ولكنهم كانوا يدركوا صعوبة حدوثه لكنه ها هو يحدث كرد فعل طبيعى جراء المذابح التى اقيمت خلال الاسبوع الماضى التى راح ضحيتها اكثر من 100 شخص
وضعوا ال19 رجلا فى 5 سيارات مصفحة و أمر الشاب العسكرى بوضع هؤلاء الرجال فى السجن الحربى مؤقتا و اعلنت القنوات التابعة للحكومة عن بيان هام سيلقيه الرائد حسام الدين مصطفى قائد الانقلاب العسكرى , وبالفعل بعد الاطمئنان على سير العربات المصفحة والتى تحاوطها كمية مهولة من السيارات والدبابات , توجه حسام الدين نحو سيارة مصفحة اخرى محاطة بدبابتين واحدة امام السيارة وواحدة خلفها وتوجه نحو ماسبيرو

لم يعرف المعتصمين القليلين بالعباسية ماذا يفعلوا فكانوا يشاهدون المشهد وهم فى حالة من الذهول , لا يعرفوا شئ سوى انهم امام شئ غامض لم يتوقع احد ان يحدث فى هذا الوقت تحديدا , قبل انتخابات الرئاسة بيومين , استعانت جميع القنوات الخاصة بمقدميها على وجه السرعة وبدأت فى البث الحى ولمدة ما لا نهاية او حتى وضوح الرؤية , وبدأت الاتصالات بالقادة السياسيين و الخبراء الاستراتيجيين و النشطاء السياسيين .. كان ماسبيرو لا يقل ارتباكا ففى اللحظة التى تحركت فيها اول دبابة نحو وزارة الدفاع , كانت هناك دبابتين و اكثر من مدرعة تتوجه نحو ماسبيرو استعدادا لهذه اللحظة التاريخية و مدرعتين اخريتين على فيلا وزير الاعلام تخبره بقبول استقالته من منصبه و الزامه بالوجود فى منزله وهو و عائلته حتى اشعار اخر

كان يشبه جمال عبد الناصر , يمتلك قدرا كبيرا من الكاريزما , لبق , يستطيع ان يقنع الاخرين بوجهه نظره , مهارة جسده اللغوية بارعة , عندما تنظر اليه وهو يتكلم يستطيع ان يبهرك دون ان يتلفظ بأى حرف , هذا كان ما يمزيه , يستطيع ان يجتمع بشخصيين متخلفيين فى وجهة النظر ويتحدث معهم لمدة ساعة واحدة فقط فيخرج الاثنين بعدها كل منهما يشعر انه نال ما يرضيه
أمن العساكر مبنى ماسبيرو والمنطقة المحيطة به , وصلت السيارة المصفحة , ونزل منها حسام الدين وسار نحو البوابة الرئيسية واثقا فى خطواته يتلقى الترحيب من جميع العساكر الموجودين , صعد بالمصعد الى الاستوديو الذى تم اعداده لكى يلقى منه خطابه الاول للجماهير

وقف امام الكاميرا , بدأت جميع القنوات تبث ما تعرضه القنوات الارضية , جلس الجميع امام التلفاز يرى ما سيقوله هذا الشاب , بدأ
البث المباشر وقف مبتسماً , ثم بدأ يلقى خطابه

- السلام عليكم ورحمه الله وبركاته , قامت ثورتنا العام الماضى من اجل الاطاحة بظلم وطغيان مبارك الذى جعل من هذه البلد الخصبة , ارضا بور , و قام بنهب ثرواتها و ابادة شعبها العظيم , ولكن الله وفقنا كشعب متوحد فى الاطاحة بهذا الدكتاتور ونظامه الفاسد ولكن تبقى ذيل النظام يلعب حرا فسلم له مبارك السلطة واستطاع ان يتكاثر لا جنسيا كالكائنات الاولية بالتجدد و استطاع ان يستكمل بناء نفسه وكان يجب علينا كظباط شرفاء ان نوقف هذه العملية قبل ان ينمو الرأس , نعمل منذ شهر يونيو الماضى بنيه المجلس العسكرى فى تزوير الانتخابات لصالح مرشح ما , واستطعنا طوال هذه فى الفترة الاستعداد والعمل سراً رغم صعوبة هذا الامر لكثرة جواسيس المجلس العسكرى داخل كل كتيبة ولكننا استطعنا التنظيم بدهاء وهبه الله لنا لكى ننهض بهذه البلد لكى لا تدخل فى دوامة اخرى كبيرة سيكون من الصعب الخروج منها , لذا قررنا القيام بهذا الانقلاب العسكرى فى هذا الوقت بالتحديد كنوع من عنصر المفاجئة لقادة المجلس , لنقوم سويا نحن كظباط شرفاء نحب وطننا مع الشعب العظيم ببناء بلدا عظيما .. ولقد قررنا ونحن 10 ظباط بتولى المناصب القيادية العسكرية و تم التوافق بيننا على اشخاص يمثلون جميع قوى الشعب لنعرض عليهم تولى الحكومة الانتقالية التى ستستمر لمدة 6 شهور من يومنا هذا , تقام بعدها اول انتخابات رئاسية نزيهة
وقد تم التوافق على حكومة برئاسة المناضل الاستاد خيرت الشاطر , ونائبا له الاستاذ الفاضل السيد عماد الدين عبد الغفور وكيل مؤسسى حزب النور , على ان يتولوا تشكيل حكومة توافقة تضم جميع الاطياف والفئات السياسية , دون اى تدخل من مجلسنا العسكرى فى الشئون السياسية وسنكتفى فقط بمهمتنا فى تأمين مصر خارجيا و داخليا حتى تعود الشرطة لقوتها و صلابتها مرة اخرى , وفق الله شعب مصر العظيم داماً

ساد الفرح وسط الاوساط الاسلامية , فالاخوان المسلمين صاروا لديهم البرلمان و جائت لهم الوزارة على طبق من ذهب ولكن هذا لم يمنع خوفهم وتحذرهم من هذه المفاجئة السعيدة و من هذا الانقلاب المفاجئ , و هلل انصار الدعوة السلفية فرحين و معبرين على انه حان الوقت الان لتطبيق شرع الله بعيدا عن عبد المنعم ابو الفتوح المرشح الذى دعموا مضطرين سبب ضيق الوقت و الذى لم يشعروا ناحيته براحة بنسبة كبيرة ولكن كان اختيارهم له بنسبه كبيرة هربا من ترشيح مرسى , ولكن الان هم مضطرون للتعاون مع الاخوان مرة اخرى , لكن الان الموقف مختلف , فلا يوجد الان المجلس العسكرى الذى كان يلعب بهم جميعا , اصبح اللعب الان اكثر اريحية
وفى الاوساط الثورية توعد الشباب الثوريين بقيام مظاهرات كبيرة فى محيط وزارة الدفاع , ولكن بعد هذا الخطاب , كان قد انصرف كل السلفيين الموجودين فى محيط وزارة الدفاع والذين كانوا يشكلوا عمودا فقريا قويا للاعتصام , واصبحوا امام خيار واحد فقط وهم الاعتصام لوحدهم على امل ان يحبطوا هذا الانقلاب الذين يروا انهم مصطنع و يؤدى الى تدمير الثورة تماما
1
جميع الاحداث من خيال المؤلف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق